في ضرورة الحاجة إلى ميثاق أخلاقي بين السيدات المنتخبات والسادة المنتخبين بجماعة أيت ملول

“من الركائز الأساسية لتحقيق الغرض الأسمى من الديموقراطية التمثيلية على المستوى الترابي ببلادنا تفاعل أعضاء الجماعات الترابية فيما بينهم في أجواء سليمة يسودها الاحترام المتبادل بين المنتخبات والمنتخبين. هذا الغرض الذي حدده دستور المملكة في تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.

ولتحقيق ذلك، مكن الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية المنتخبين والمنتخبات، بمختلف أصناف الجماعات الترابية، من مبدأ التدبير الحر لتدبير شؤون جماعاتهم والذي يخول بمقتضاه لكل جماعة ترابية سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مقرراتها. سُلَطٌ يُساهم كل أعضاء المجلس في ممارستها، كل حسب الموقع المخول له، مما يقتضي تمكينهم، دون تمييز أو إقصاء، من الوسائل والمعلومات والوثائق الضرورية للاضطلاع بمهامهم الانتدابية.

غير أن الممارسة الواقعية بالجماعات الترابية تبين تفاوتات فيما يخص احترام حقوق المنتخبات والمنتخبين، بحيث عرفت العديد من تلك المؤسسات المنتخبة أحداثا مؤسفة اتسمت بمستويات مختلفة من العنف الصادر عن بعض أعضاء المجلس اتجاه زميلاتهم أو زملائهم. كما أن الواقع اليومي للتعامل بين هؤلاء الأعضاء، ببعض الجماعات الترابية، يساهم في حصول تراكم للشعور بالاحتقار تتولد عنه ضغينة وكره في نفوس منتخبات ومنتخبين مورست عليهم شتى أنواع التمييز والإقصاء والمنع من الوصول إلى الوسائل والمعلومات والوثائق المخولة لهم قانونا. مما يجعل مناخ العمل داخل هذه الجماعات الترابية دائم التوتر بين أعضائها ممهدا لحدوث مشاحنات تتخذ أشكالا وأساليب تحط من قيمة من أطلق شرارتها كما تمس بكرامة المنتخب أو المنتخبين المستهدفين.

إن السلوكيات السلبية والتشنجات الشخصية بين المنتخبات والمنتخبين ببعض الجماعات الترابية كثيرا ما تؤدي إلى هدر الزمن التنموي للجماعة الترابية وتعطيل آليات الاشتغال بها. الأمر الذي يفوت الفرص على المواطنين والمواطنات بسبب انشغال أعضاء المجلس بتبعات سلسلة المشادات الكلامية التي يتورطون فيها؛ مما يؤدي إلى استنزاف مجهوداتهم وطاقاتهم عوض الانكباب بجدية في المساهمة، منتخبات ومنتخبين، أغلبية ومعارضة، في تنمية الجماعة الترابية والتعاطي مع مختلف القضايا والإشكالات المطروحة بمجالها الترابي والتي تؤثر على ساكنة الجماعة الترابية. أهداف لا يمكن تحقيقها إلا بتوفير أجواء العمل بالهدوء والرزينة والاحترام المتبادل بشكل يسمح بتصريف التباين في وجهات النظر والحسم عبر التداول خلال جلسات المجلس بكيفية ديمقراطية، بعيدا عن كل أساليب مصادرة الحق في الاختلاف، من عنف نفسي، أو جنسي، أو جسدي، أو اقتصادي، أو رقمي، أو باستعمال آليات التمييز، أو الإقصاء، أو التهديد أو الابتزاز أو الحرمان.

ونظرا لكون القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية وكذلك الأنظمة الداخلية لمجالسها لم تتطرق إلى الجوانب الأخلاقية في العلاقات بين المنتخبات والمنتخبين الجماعيين، بحيث اقتصرت القوانين التنظيمية في الباب الثالث منها والمتعلق “بالنظام الأساسي للمنتخب” على تحديد حقوق وواجبات المنتخب بالجماعات الترابية، فيما اكتفت الأنظمة الداخلية لمختلف المجالس بتحديد شروط وكيفيات تسيير أشغال المجلس وأجهزته المساعدة طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، كما تحدد العلاقة ما بين مختلف أجهزة المجلس.

لكل هذه الاعتبارات وغيرها تبرز أهمية وضع إطار أخلاقي للتعاقد بين أعضاء المجلس، يكون الغرض منه وضع مجموعة من القواعد التي تضبط سلوك التعامل فيما بينهم. ولعل التزامهم المعنوي والتلقائي بمقتضياته يساهم في تحسين ظروف ممارستهم لمهامهم الانتدابية في إطار صون كرامة الجميع، وفي الوقت نفسه تجنيب الجماعة هدر زمنها التنموي لأجل استرجاع المواطنين الثقة بمؤسساتهم المنتخبة”.

شكرا لمنظمة الهجرة والتنمية وجمعية الوفاء النسائية للتنمية على تنظيمهم لورشة تفاعلية، يوم الخميس 14 دجنبر 2023، لتقديم مشروع “الميثاق الأخلاقي بين المنتخبين والمنتخبات للجماعات الترابية بجهة سوس ماسة”، بمشاركة 24 جماعة ترابية و4 مجالس إقليمية بجهة سوس ماسة، وأزيد من 90 منتخبا ومنتخبة بمختلف الجماعات الترابية بالجهة، إضافة إلى ممثلين عن جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.

ابراهيم طير النائب الأول لرئيس جماعة أيت ملول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى